فصل: الْبَحْثُ السَّابِعُ: فِي سَبَبِ الرُّخْصَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْبَحْثُ السَّابِعُ: فِي سَبَبِ الرُّخْصَةِ:

وُفِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَعْرُوفُ لِيَحْفَظَهَا لَهُ وَيَحْمِلَ عَنْهُ الْجِذَاذَ وَدَفْعَ الضَّرَرِ عَنِ الْمُشْتَرِي بِدُخُولِ الْبَائِعِ وَخُرُوجِهِ وَتَوَقُّعِ أَذِيَّتِهِ وَكَشْفِهِ لِلْعِيَالِ فِي الْبُسْتَانِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ دُونَ الْمَعْرُوفِ لِأَنَّ الْغَايَةَ إِنَّمَا هِيَ بِدَفْعِ الضَّرَرِ غَالِبًا قَاعِدَةٌ: إِذَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِحُكْمٍ فِي مَحَلٍّ: فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ حِكْمَتِهِ فَهُوَ تَعَبُّدٌ وَإِنْ أَمْكَنَتْ مِنْ أَوْصَافٍ مَذْكُورَةٍ فِي النَّصِّ فَهُوَ تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ كَحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فِي إِفْسَادِ الصَّوْمِ وَمِنْ أَوْصَافٍ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَهُوَ تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ ثُمَّ إِنْ وَجَدْنَا وَصْفًا وَاحِدًا جَعَلْنَاهُ كَمَال الْعلَّة وأوصافاً كُلَّهَا مُنَاسِبَةً جَعَلْنَا الْمَجْمُوعَ عِلَّةً إِلَّا أَنْ يومى الشَّرْعُ أَوْ يَنُصَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالِاسْتِقْلَالِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ عِلَّةً فَإِنِ اجْتَمَعَتِ الْأَوْصَافُ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا أَوِ انْفَرَدَ أَحَدُهَا تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ أَوْصَافٍ وَبَيْنَ أَوْصَافٍ كُلُّ وَاحِد مِنْهَا عِلّة وَهَاهُنَا إِنَّمَا الشَّرْعُ لِلضَّرَرِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ السَّبَبُ الَّذِي كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَشْتَرِي لِأَجَلِهِ الْعَرَايَا فَقَرَّرَهُ الشَّرْعُ وَيُؤَكِّدُهُ: رُخْصَةُ الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ بِالْخَمْرِ وَالْقَصْرِ وَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ كُلُّهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَإِيمَاؤُهُ لِلنَّفْعِ وَالْمَعْرُوفِ بِقَوْلِهِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ عَلَى الْقَرْضِ بِجَامِعِ بَذْلِ عَيْنٍ فِي مِثْلِهَا وَجَوَازُ رَدِّ عَيْنِ الْمَأْخُوذِ فَلَا جَرَمَ اعْتُبِرَ الْمَشْهُورُ إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ لَا بِعَيْنِهَا اجْتَمَعَتَا أَوِ افْتَرَقَتَا لِدَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَرَجَّحَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَنَاطَهُ بِكَثْرَةِ وُجُوهِ الْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى تَحْقِيقِ الْعِلَّةِ شِرَاءُ بَعْضِ الْعرية وَشِرَاؤُهَا إِذَا كَانَتْ جُمْلَةُ الْحَائِطِ وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَإِذَا أَعْرَى جَمَاعَةٌ عَرِيَّةَ شِرَاءِ حِصَّتِهِ تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَلْزَمَ الْأَشْيَاخُ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِم على التَّعْلِيل الْمَعْرُوف: جَوَازُ شِرَائِهَا لِغَيْرِ مَنْ أَعْرَاهُ لِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ كَقَوْلِ (ش) قَالَ: وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ يُعْتَبَرُ مَعَهُ تَقَدُّمُ حَقِّ الْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيُّ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ حَقٌّ.
فرع:
قَالَ: إِذَا أَعْرَى ثُمَّ بَاعَ بَقِيَّةَ ثَمَرِهِ مِنْ رَجُلٍ وَأَصْلُ الْحَائِطِ مِنْ آخَرَ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا بَاعَ الثِّمَارَ دُونَ الْأَصْلِ أَوِ الْأَصْلَ دُونَ الثِّمَارِ أَوِ الثِّمَارَ مِنْ رَجُلٍ وَالْأَصْلَ مِنْ آخَرَ يَخْرُجُ عَلَى التَّعْلِيلِ وَيَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِمَنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ الثَّمَرَةُ لِصِحَّةِ الْمَعْرُوفِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ مِنْهُ وَعَنْهُ وَيَمْتَنِعُ مِمَّنِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ الْأَصْلُ إِلَّا عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْمَعْرُوفِ.
فَرْعٌ:
قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَإِذَا مَاتَ الْمُعْرِي وَالْمُعْرَى قَامَ وَرَثَتُهُمَا مَقَامَهُمَا.
فرع:
قَالَ: مَنْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي حَائِطٍ أَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ شِرَاءَهَا مِنْهُ بِخَرْصِهَا لِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ وَمَنَعَهُ فِي الْكِتَابِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ لِقُوَّةِ الْمِلْكِ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُمَا لِلْمَعْرُوفِ لَأَخْذِ مِلْكٍ وَلَيْسَ أَصْلُهُ مَعْرُوفًا فَفَارَقَ الْعَرِيَّةَ وَأَجَازَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لِلضَّرُورَةِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا مِمَّنْ لَمْ يعره وَإِن كَانَ أَجْنَبِيًّا لِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ وَمِنْ نَفْسِهِ إِذَا بَاعَ الْمُعْرَى عَرِيَّتَهُ بَعْدَ الزَّهْوِ أَوْ وَهَبَهَا جَازَ لِمُعْرِيهِ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا مِمَّنْ صَارَتْ إِلَيْهِ كمن وهبه لسكناه حَيَاته يَجُوزُ لِلْمُسَكَّنِ شِرَاؤُهَا عَنِ الْمُشْتَرِي أَوِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَاله شِرَاؤُهَا مِنْهُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ وَسَقْيُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ نِصَابًا إِلَّا مَعَ بَقِيَّة الحائظ أَعْرَاهُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا أَوْ جَمِيعَ الْحَائِطِ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَرِيَّةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ: فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَلَا يُحَاسَبُ بِهَا الْمَسَاكِينُ لِأَنَّ إِعْطَاءَهُ الثَّمَرَةَ ظَاهِرٌ فِي تَخْلِيصِهَا للمعطى لَهُ من الْحُقُوق الْمُتَعَلّق بِهَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَعْرُوفًا يُنَاسِبُ الْحَمْلَ وَالْأَصْلُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَالِكِ أَوِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِلْكٌ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْهِبَةِ بِخَرْصِهَا بَلْ بِالْعَيْنِ أَوِ الْعَرْضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ أَكَابِرُ أَصْحَابِنَا: الْعَرِيَّةُ مِثْلُ الْهِبَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: سَقْيُ الْهِبَةِ وَزَكَاتُهَا عَلَى الْوَاهِبِ كَالْعَرِيَّةِ وَيَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا لِأَنَّ الْعَرِيَّةَ هِبَةٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: سَقْيُ الْعَرِيَّةِ عَلَى الْمُعْرَى لِأَنَّهُ وُهِبَ مَا هُوَ مَرَاحُ الْعِلَلِ وَزَكَاتُهَا عَلَى الْمُعْرِي لِأَنَّهُ مَالِكٌ قَالَ: وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الزَّكَاةَ وَالسَّقْيَ عَلَى الْمُعْطَى لِأَنَّهُ مَلَكَ كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَايَا وَالْهِبَاتِ: أَنَّ الْعرية تقصد بِهَا الْمُوَاسَاةُ بِالثَّمَنِ لَا نَفْسَ الْمُعْرَى فَلَا تَجِبُ لِلْمُعْرَى إِلَّا بِالطِّيبِ فَإِنْ قَبَضَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ سقيُها وَزَكَاتُهَا وَالْهِبَةُ يُقْصَدُ بهَا عَيْنُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَخَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَوَجَبَتْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْقَبْضِ فَإِنْ سَمَّاهَا هِبَةً حَمَلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْهِبَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ قَصْدُ الْعَرِيَّةِ وَعَكَسَ ابْنُ حَبِيبٍ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: سَبَبُ الْخِلَافِ فِي الزَّكَاةِ: أَنَّ مُتَوَلِّيَ الْقِيَامِ الْمُخَاطَبُ بِالزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَلِيَهَا مَعَ نَخْلِهِ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِيهِ وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَتِ الْعَرِيَّةُ جُمْلَةَ الْحَائِطِ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: وَبِمَا تَجِبُ الْعَرِيَّةُ لِلْمُعْرَى أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْقَبْضُ كَالْهِبَةِ لِلْآثَارِ كَقَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْحَبْسِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالطِّيبِ أَوْ بِقَبْضِ الْأُصُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَمْرٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِنَاءً عَلَى أَنه يقْصد بهَا عين المعرى لِأَن مِنَ الْمُوَاسَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا بَاعَ الثَّمَرَ بَعْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ فَالسَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَاعَ تَمْرًا مِزَاحَ الْعِلَلِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْأَصْلِ فِيهِ تَمْرٌ مَأْبُورٌ لِلْبَائِعِ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ: عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ السَّقْيَ أَصْلُ النَّخْلِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا كَانَتِ الْعَرِيَّةُ أَوِ الْهِبَةُ بِيَدِ الْمُعْطَى يَسْقِي ذَلِكَ فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِ الْمُعْرَى أَوِ الْمَوْهُوبِ يَقُومُ عَلَيْهَا فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ لِكَمَالِ مِلْكِهِ بِالْحَوْزِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: مَنْ أَعْرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأُجِيحَ الْحَائِطُ إِلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ: قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: ذَلِكَ لِلْمُعْرَى لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ ذَلِك الْكَيْل.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: مَنْحُ لَبَنِ الْأَنْعَامِ أَعْوَامًا لَازِمٌ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْإِخْدَامُ وَالْإِسْكَانُ والعرية لقَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَيَجُوزُ شِرَاءُ الْجَمِيعِ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ نَقْدًا مُؤَجّلا وَيجوز شِرَاء السُّكْنَى دَارٍ لِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى وَخِدْمَةُ عَبْدٍ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ لِأَنَّهُ بَابٌ مَعْرُوفٌ وَإِذَا مَاتَ الْمُعْرَى قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ فِي النَّخْلِ شَيْءٌ أَوْ يجوز الْمُعْرَى عَرِيَّتَهُ أَوْ فِيهَا تَمْرٌ لَمْ يَطِبْ لَكِنَّهُ لَمْ يُجَذَّ أَوْ قَبْلَ حَوْزِ الْمِنْحَةِ أَوِ السُّكْنَى أَوِ الْإِخْدَامِ بَطَلَ جَمِيعُ ذَلِكَ وَهُوَ لِلْوَرَثَةِ لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا وَهَبَهَا جادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ: لَوْ كُنتِ حُزتيه لَكَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَكَانَ ذَلِكَ عَامًّا فِي سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بُدَّ مِنْ حَوْزِ الرِّقَابِ وَيَطْلُعُ فِيهَا تَمْرٌ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْكِتَابِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: حَوْزُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ: إِمَّا الرِّقَابُ أَوْ طُلُوعُ التَّمْرِ وَحَمَلَ أَبُو عِمْرَانَ الْكِتَابَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَت: قَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي شِرَاءِ الْمِنْحَةِ بِالطَّعَامِ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِالطَّعَامِ غَيْرَ يَدٍ بِيَدٍ بِخِلَافِ الشَّاةِ اللَّبُونِ الْمُرَادِ رَقَبَتُهَا وَقَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ: بَلْ رَقَبَةُ الشَّاةِ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ فَشِرَاؤُهُ تَخْلِيصٌ لِلرَّقَبَةِ وَشِرَاءُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْسَ رُجُوعًا فِي الْهِبَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِأَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِهِبَةِ الْأُصُولِ وَأَمَّا الْمَنَافِعُ وَالْغَلَّاتُ فَلَا لإباحته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِرَاء الْعرية.

.النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ:

وَهِيَ مِنَ الْجَوْحِ قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ: الْجَوْحُ بِسُكُونِ الْوَاوِ: الِاسْتِئْصَالُ جُحت الشَّيْءَ أجوحُه وَالْجَائِحَةُ هِيَ الشِّدَّةُ الَّتِي تَجْتَاحُ الْمَالَ فِي فِتْنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيُقَالُ: جَاحَتْهُ الْجَائِحَةُ وَأَجَاحَتْهُ بِمَعْنًى وَكَذَلِكَ جَاحَهُ اللَّهُ وَأَجَاحَهُ وَاجْتَاحَهُ إِذَا أَهْلَكَهُ بِالْجَائِحَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ: فِي حَقِيقَتِهَا وَقَدْرِهَا وَمَحَلِّهَا:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهَا الْمُرَادَةِ فِي الثِّمَارِ:

فَفِي الْجَوَاهِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دفعُه إِنْ عُلِمَ بِهِ فَلَا يَكُونُ السَّارِقُ جَائِحَةً عَلَى هَذَا وَجَعَلَهُ فِي الْكِتَابِ جَائِحَةً وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ: هِيَ الْآفَةُ السَّمَاوِيَّةُ كَالْمَطَرِ وَإِفْسَادِ الشَّجَرِ دُونَ صُنْعِ الْآدَمِيِّ فَلَا يكون الْجَيْش جَائِحَة وَفِي الْكتاب: جَائِحَةً وَفِي الْكِتَابِ: الْجَائِحَةُ الْمَوْضُوعَةُ: كَالْجَرَادِ وَالنَّارِ وَالرِّيحِ وَالْبَرَدِ وَالْغَرَقِ وَالطَّيْرِ الْغَالِبِ وَالدُّودِ وَعَفَنِ الثَّمَرَةِ وَالسَّمُومِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: الرِّيحُ لَيْسَ بِجَائِحَةٍ قَالَ: وَأَرَى إِنْ أَصَابَهَا ذَلِكَ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ أَوْ يَتَمَسَّكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَلِكَ السَّمُومُ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ أَفْسَدَ الثُّلُثَ وَأَعَابَ الْبَاقِيَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْهَالِكِ وَيُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي وَكَذَلِكَ الْغُبَارُ وَاخْتُلِفَ إِذَا أَسْقَطَهَا الرِّيحُ وَلَمْ تُتْلَفْ: قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: جَائِحَةٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَيْسَ بِجَائِحَةٍ لِبَقَاءِ عَيْنِ الثَّمَرَةِ وَقِيلَ: يُخَيَّرُ كَالْعَيْبِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَاءِ يُبَاعُ يُسْقَى بِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَيَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ قِيلَ مِنَ الْبَائِعِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ لِأَنَّ السَّقْيَ مُشْتَرًى وَقِيلَ: إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ لَمْ يُحَطَّ عَنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمَحْصُورَ يَتَوَقَّعُ الْمُشْتَرِي نَقْصَهُ كَمَا يَتَوَقَّعُ نَقْصَ الثَّمَرَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ مَاتَ دُودُ الْحَرِيرِ كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ وَالْوَرَقُ لَا يُرَادُ لَهُ: الْأَشْبَهُ أَنه جَائِحَة كمن اكترى فندقاً فحلاً الْبَلَدُ لِتَعَذُّرِ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ قَالَ: وَكَذَلِكَ عِنْدِي لَو انجلى أهل الثَّمَرَة عَنْهَا وَلَمْ يَجِدِ الْمُشْتَرِي مَنْ يَبِيعُهُ.

.الْفَصْلُ الثَّانِي فِي قَدْرِهَا:

وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا تَحْدِيدَ فِيهَا إِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الْعَطَشِ بَلْ تُوضَعُ مُطْلَقًا لِأَنَّ السَّقْيَ مُشْتَرًى وَالْأَصْلُ: الرُّجُوعُ بِالْمُشْتَرَى أَوْ أَجْزَائِهِ إِذَا لَمْ تُقْبَضْ كَانَتْ تَشْرَبُ مِنَ الْعَيْنِ أَوْ مِنَ السَّمَاءِ وَمِنْ غَيْرِ الْعَطَشِ يَسْقُطُ مِنْهَا الثُّلُثُ فَمَا فَوْقَ دُونَ مَا دُونَهُ وَقَالَ (ح): لَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ مُطْلَقًا وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ أَيْضًا يُوضَعُ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ احْتَجَّا بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَةً فَنَقَصَتْ عَلَيْهِ فَسَأَلَ الْبَائِعَ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ فَحَلَفَ الْبَائِعُ أَنْ لَا يَضَعَ فَذَهَبَتْ أَمُّ الْمُشْتَرِي إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تَأَلَّى أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا فَسَمِعَ رَبُّ الْحَائِطِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ لَهُ وَجه الدَّلِيل: أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلْزمه ذَلِك وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» فَأَثْبَتَ الْمَالَ لَهُ مَعَ ذَهَابِ الثَّمَرَةِ فَدَلَّ أَنَّهَا لَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ وَالْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَطَشِ وَمَحَلُّ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ أَنَّهَا أَصَابَتْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ جَمْعًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَوَاعِدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّ النَّقْصَ بِالْجَائِحَةِ الْمُذْهِبَةِ لِلثُّلُثِ فَلَعَلَّهُ حَوَالَةُ سُوقٍ أَوْ جَائِحَةٌ دُونَ الثُّلُثِ وَلَمْ يَتَعَرَّضِ اللَّفْظُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَسَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَالَ لِأَخِيهِ دُونَهُ بِسَبَبِ الْجَائِحَةِ ثُمَّ إِنَّهُ معرض بِمَا فِي مُسْلِمٍ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ تَمْرًا ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا إِنَّمَا تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ» وَفِي (الْأَحْكَامِ) لِعَبْدِ الْحَقِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حبيب: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أُصِيبَ ثُلُثُ الثَّمَرَةِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ الْوَضِيعَةُ» وَعَنِ الثَّالِثِ: الْفَرْقُ بِأَنَّ الثَّمَرَةَ بَقِيَ فِيهَا حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنَ السَّقْيِ وَاسْتِحْقَاقُ الْبَقَاءِ إِلَى الْيُبْسِ فَلَمْ يَقْبِضْ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى سُقُوطِ بَعْضِ الثَّمَرَةِ بِالرِّيحِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْعَطَشِ وَعَنِ الْخَامِسِ: أَن قبض الثَّمَرَة إِنَّمَا يتَحَقَّق بجد الثَّمَرَةِ وَيُبْسِهَا وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ: فَفِيهَا حَقُّ تَوْفِيَة الْبَقَاء فَحمل الأحادمث عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَاهُ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْنَا وَأَقْوَى مَا لَهُمْ مَا فِي مُسْلِمٍ فِي الَّذِي اشْتَرَى ثَمَرَةً فَأُصِيبَتْ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تصدقوا عَلَيْهِ» ثمَّ قَالَ لغرمائه «خُذُوا ماوجدتم وَلَيْسَ لكم إلإ ذَلِك» وَجَوَابه أَنَّهَا قفية عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْيُبْسِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَيُقَالُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَيَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ فِي الْعَادَةِ عَلَى سُقُوطِ الثِّمَارِ بِعَفَنٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ طَيْرٍ وَمَا دَخَلَ عَلَيْهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَيَتَأَكَّدُ الِانْتِقَالُ إِلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَالثُّلُثُ مُعْتَبَرٌ فِي صُوَرِ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَيَعْتَبِرُهَا هُنَا وَلِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْعَادَةِ أَنَّ ثَمَرَةَ فُلَانٍ أجيحت إِلَّا إِذا ذهب مِنْهَا مَاله بَالٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبُقُولَ لِأَنَّ الْعَادَةَ سَلَامَتُهَا فَيُوضَعُ الْجَمِيعُ وَإِنْ قَلَّ قَالَ: وَتَعْلِيلُهُمُ الثُّلُثَ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى السُّقُوطِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْقُطَ مَقَالُهُ فِيمَا يَهْلَكُ غَالِبًا كَانَ ربُعاً أَوْ ثُلُثًا أَوْ غَيْرَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَتِ الْعَادَةُ الرُّبُعَ وَهَلَكَ الثُّلُثُ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ السُّدُسِ وَيَلْزَمُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَا شَأْنُهُ السُّقُوطُ كَالزَّيْتُونِ وَالتَّمْرِ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَالرُّمَّانِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: تُوضَعُ جَائِحَةُ الْبُقُولِ وَإِنْ قَلَّتْ لِأَنَّ الْعَادَةَ سَلَامَةُ الْجَمِيعِ وَعَنْ مَالِكٍ: لَا يُوضَعُ إِلَّا مَا وَصَلَ الثُّلُثَ قِيَاسًا عَلَى الثِّمَارِ وَفِي الْجَلَّابِ: لَا يُوضَعُ شَيْءٌ قِيَاسًا عَلَى الْعُرُوضِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا جَازَتْ مُسَاقَاتُهُ لِلضَّرُورَةِ وَغَيْرِهَا فَكَالتَّمْرِ وَالْمَوْزِ لَا تَجُوزُ مساقاته وَلَا تُوضَع جَائِحَة حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ قَالَ: وَلَا وَجْهَ لِمُرَاعَاةِ الثُّلُثِ لِنُدْرَةِ مَا يَذْهَبُ وَلَا مُلَاحَظَةَ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَسْقِيهَا فِي خِلَالِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ قَدْرُ ذَلِكَ لِأَنَّ إِزَاحَةَ عِلَّةِ السَّقْيِ عَلَى الْبَائِعِ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ فِي تَعْجِيلِ التَّقْوِيمِ فِيمَا بَقِيَ بُطُونِ الْمُقْتَاةِ أَوْ يَتَأَخَّرُ إِلَى آخِرِ الْبُطُونِ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا: التَّأْخِيرُ لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ الْجَائِحَةِ أَوْ يُقَالُ: الْأَصْلُ: السَّلَامَةُ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَطَ عَدَمَ الْجَائِحَةِ أَوِ السَّقْيِ: قَالَ مَالِكٌ: الشَّرْطُ فِي الْجَائِحَةِ بَاطِلٌ وَعَنْهُ: الْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: يَجُوزُ الشَّرْطُ وَالْبَيْعُ لِأَنَّهُ حَقُّ اشْتِرَاطِهِ كَاسْتِثْنَاءِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا بَيْنَ إِسْقَاطِ الشَّرْطِ وَتَكُونُ الْوَضِيعَةُ مِنْهُ أَوْ يَرُدُّ الْبَيْعَ وَيَكُونُ لَهُ بَعْدَ الْفَوْتِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ لِأَنَّ سَبَب الْأَمريْنِ وَجه وَأما اشْتِرَاطِ السَّقْيِ فَهَلْ تَكُونُ الْجَائِحَةُ مِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّ لِلْأُصُولِ تَأْثِيرًا فِي الضَّمَانِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَاءَ هُوَ الْأَصْلُ وَالشَّجَرُ كَالْمُعَيَّنِ لَهُ إِلَى الثَّمَرَةِ وَقَدْ سَقَطَ بِالشَّرْطِ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا زَادَتِ الْجَائِحَةُ عَلَى الثُّلُثِ فَأَصَابَتْ مُعْظَمَ الثَّمَرَةِ لَزِمَتِ الْمُبْتَاعَ بِقِيمَتِهَا بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ مُعْظَمِ الصُّبْرَةِ أَوْ طَعَامٍ عَلَى الْكَيْلِ قَبْلَ بَذْرِ مُعْظَمِهِ قَبْلَ الْكَيْلِ فَإِنَّهُ لَا يلْزم الْمُبْتَاع وَالْفرق: أَن الجوائج مُعْتَادَةٌ وَالِاسْتِحْقَاقَ غَيْرُ مُعْتَادٍ لَمْ يُدخل عَلَيْهِ.
فرع:
قَالَ: قِيلَ: لَا يَسْقُطُ مِنَ الْمُسْتَثْنَى شَيْءٌ وَإِنْ أُجِيحَ مُعْظَمُ الثَّمَرَةِ عَلَى الْخِلَافِ: هَلِ الْمُسْتَثْنَى مَبِيعٌ أَوْ مُبْقًى؟.
نَظَائِر:
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الثُّلُثُ فِي حَيِّزِ الْكثير فِي ثَلَاث مسال كُلُّهَا: آفَاتُ الْجَائِحَةِ وَحَمْلُ الْعَاقِلَةِ وَالْمُعَاقَلَةُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَفِي حَيِّزِ الْقِلَّةِ فِي سِتِّ مَسَائِلَ:
الْوَصِيَّةُ وَهِبَةُ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ إِذَا لَمْ تُرِدِ الضَّرَرَ فَإِنْ أَرَادَتِ الضَّرَرَ: فَقِيلَ: يَجُوزُ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ وَاسْتِثْنَاءُ ثُلُثِ الصَّبْرَةِ إِذَا بِيعَتْ وَكَذَلِكَ الثِّمَارُ والكيراش وَالسَّيْفُ إِذَا كَانَ ثُلُثُ وَزْنِهِ حِلْيَةً يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِ الْحِلْيَةِ وَقِيلَ: ثُلُثُ قِيمَتِهِ قَالَ الْعَبْدِيُّ: وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ إِذَا اسْتَحَقَّ مِنْهُ أَوْ نَقَصَ فِي الشِّرَاءِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَالْأَرْطَالُ إِذَا اسْتَثْنَاهَا مِنَ الشَّاةِ وَالدَّالِيَةُ تَكُونُ فِي دَارِ الْكِرَاءِ وَتُوقَفُ فِي ذَلِكَ مَرَّةً فَتَصِيرُ مَسَائِلُ الْقِلَّةِ تِسْعَةً.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ مَا كَانَ بُطُونًا كَالْمَقَاثِي وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ أَوْ بَطْنًا لَكِنَّهُ لَا يُخْرَّصُ وَلَا يُدَّخَرُ وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالتِّينِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ وَالْمَوْزِ فَأُجِيحَ مِنَ النَّبَاتِ الثُّلُثُ حُط مِنَ الثَّمَنِ قَدْرُ قِيمَتِهِ فِي زَمَانِهِ كَانَتْ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ أُجِيحَ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ لَمْ يُوضَعْ وَإِنْ زَادَتِ الْقِيمَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَرَاعَى أَشْهَبُ الْقِيمَةَ فَمَا بَلَغَ ثُلُثَ الْقِيمَةِ وُضِعَ لِأَنَّ الْقِيمَةَ هِيَ الْمَالِيَّةُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَغْرَاضُ وَالْمَشْهُورُ: يُرَاعَى ظَاهِرُ لَفْظِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ هِبَةَ الثُّلُثِ وَبَيْعَ الثُّلُثِ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْعَيْنَ دُونَ الْقِيمَةِ إِجْمَاعًا وَكَذَلِكَ الْجَائِحَةُ وَمَا كَانَ بَطْنًا وَاحِدًا لَا يَتَفَاوَتُ طِيبُهُ وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ فَثُلُثُ النَّبَاتِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ إِذِ التَّقْوِيمُ حَيْثُ تَتَفَاوَتُ أَزْمِنَتُهُ أَوْ تَتَعَدَّدُ أَنْوَاعُهُ وَمَا يَبِسَ وَيُتْرَكُ حَتَّى يُجذ جَمِيعُهُ كَانَ يُخرص أَمْ لَا كَالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْجَوْزِ وَنَحْوِهَا فَلَا يُتَقَوَّمُ أَيْضًا وَلِلْمُبْتَاعِ تَعْجِيلُ الْجِذَاذِ وَتَأْخِيرُهُ حَتَّى يَيْبَسَ وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ مِنَ الثَّمَرِ: بَرْنِيٌّ وَصَيْحَانِيٌّ وَنَحْوُهُمَا فَأُجِيحَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ ثُلُثُ كَيْلِ الْجَمِيعِ وُضِعَ مِنَ الثَّمَنِ قِيمَتُهُ لِاخْتِلَافِ قِيَمِ الْأَصْنَافِ وَأَصْلُ هَذَا: إِنَّمَا يُترك أَوَّلُهُ وَلَا يَتَجَدَّدُ لَا يَكُونُ فِيهِ فَسَادٌ فَكَالنَّخْلِ وَمَا يَتَعَذَّرُ تَرْكُ أَوَّلِهِ عَلَى آخِرِهِ فَهُوَ كَالْمَقَاثِي وَكَذَلِكَ كَرَاءُ الْأَرْضِ سِنِينَ فَتَعْطَشُ مِنْهُ سَنَةً وَالسُّنُونُ مُخْتَلِفَةُ الْقِيمَةِ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَذْهَبُ أَشْهَبَ: الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَقْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا الْأَنْوَاعُ مِنَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ فِي الْحَائِطِ وَقِيمَةِ النَّوْعِ الْمُجَاحِ لَوْ لَمْ يُجح ثُلُثُ قِيمَةِ الْجَمِيعِ وَأُجِيحَ ثُلُثُهُ يُوضَعُ ثُلُثُ ذَلِكَ مِنْ قِيمَةٍ بَاقِيَةٍ مِنَ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ ثَمَرَتِهِ أَوْ قِيمَةُ جَمِيعِهِ لَا تَصِلُ ثُلُثَ قِيمَةِ الصَّفْقَةِ لَمْ يُوضَعْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: فِيمَنِ اكْتَرَى دَارًا فِيهَا ثَمَرَةٌ فَاشْتَرَطَهَا وَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ فأُجيح ثُلُثُهَا وَضَعَ جَمِيعَ مَا يَنُوبُ الْمُجَاحُ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ وَالْكِرَاءِ وَإِنْ أُجِيحَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ أَوْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ لَا جَائِحَةَ فِيهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْجِنْسُ الَّذِي لَا يَيْبَسُ كَالْمَقْتَاةِ يُقوم أَوَّلَ الْإِبَّانِ مِنْ آخِرِهِ وَمَا يَيْبَسُ فَثُلُثُ النَّبَاتِ بِثُلُثِ الْقِيمَةِ إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ فَيُقَوَّمُ كُلُّ بَطْنٍ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ الْأَسْوَاقِ وَإِنْ كَانَ التَّمْرُ يُرَادُ تَعْجِيلُ بَعْضِهِ لِيُبَاعَ رُطَبًا اعْتَبَرَ اخْتِلَافَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا كَانَ الْحَائِطُ عِنَبًا وَرُمَّانًا وَغَيْرَهُمَا وَقَدْ طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَقَدْ جَمَعَتْهَا الصَّفْقَةُ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فِي الْجَائِحَةِ بَلْ إِنْ هَلَكَ ثُلُثُ كُلِّ نَوْعٍ اعْتُبِرَ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ لِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ وَقَالَ أَصْبَغُ: بَلْ يُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَتْ حَوَائِطَ لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ.